نظراً لما تشهدُه المملكة من إصلاحات تشريعية كبرى في إطار تحقيق رؤيتها 2030م من خلال استحداث العديد من الأنظمة وإصلاح بعضها بهدف حفظ الحقو وترسيخ مبادئ العدالة والشفافية وتحقيق التنمية الشاملة بما يعزّز مكانة المملكة ووجودها في مصاف الدول المتقدّمة، ولأن تحقيق الهدف المرجو من ذلك يتطلّب معه إيجاد ما يكفل التنسيق التكامُلي في هذا الشأن لتحقيق جودة التشريعات المطلوبة من خلال وضع معايير واضحة وقابلة للقياس ومن ذلك تنظيم المسار الإجرائي لبناء نظام جديد أو تعديل نظام قائم، وما يدعم أهمِّية ذلك قرار مجلس الوزراء رقم (713) وتاريخ 30/11/1438هـ القاضي بالموافقة على الضوابط المطلوب مُراعاتها عند إعداد ودراسة مشروعات الأنظمة واللوائح وما في حُكمها وتعديلاته، ومن منطلق الوعي والتّثقيف للجهات والأشخاص ذو العلاقة، جرى تسليط الضوء على ضوابط اقتراح التشريعات مع مراعاة الضوابط في القرار المُشار له.
أولاً: دراسة الاحتياج التشريعي
يجب على الجهة التي ترغب بإصدار تشريعات جديدة أو تعديل أنظمة قائمة أن تدرس مدى الحاجة لذلك من خلال تحديد وجود مشكلة ترغب بمعالجتها، أو رغبتها بترجمة سياسات وخطط حكومية في صورة نظام أو لائحة، فعند اقتراح تشريع يجب أن يتم الوقوف بدقة على طبيعة المشكلة المطلوب معالجتها من خلال التشريع وحصر المعالجات التشريعية القائمة ذات الصلة بالمشكلة ودراستها تحليلياً لتحديد إذا كانت كافية أو قاصرة، وعلى الجهة أن تبحث في التطبيقات القضائية والدول المقارنة التصور في حل المشكلة القائمة.
ثانياً: التأكّد من توافق مقترح النظام مع الرؤى والخطط والاستراتيجيات المعتمدة
على الجهة مراجعة استراتيجيات القطاع والتوجهات الوطنية أو القطاعية ذات الصلة، ومقارنة الوضع الحالي مع الوضع المستهدف في الاستراتيجية وتحديد الفجوات التي يمكن من خلال التشريع المُقترح سدّها، وذلك للتحقّق من أن مقترح التشريع متماشياً مع الرؤى والاستراتيجيات.
ثالثاً: رفع التصوّر المبدئي عنه
بعد إجراء الدراسة الفنية الأولية وتقدير مدى الحاجة للنظام، يتم إعداد وثيقة التصور المبدئي على أن تتضمّن الآتي:
أن التشريع هو أفضل وسيلة لمعالجة المشكلة، بما يبرز الحاجة لإصداره.
الفئة المستهدفة من تطبيق التشريع.
سُبل تحقيق الالتزام بالتشريع.
الأساس النظامي للتشريع وسند اختصاص الجهة الحكومية به وأداة إصداره.
الهدف من التشريع حيث يتضمن (الغاية النهائية من التشريع، معالجة المشكلة التي رصدتها دراسة الاحتياج التشريعي، ارتباط الهدف بالسياسة العامة للدولة وخططها الاستراتيجية).
وبعد ذلك يتم الرفع به إلى مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية أو مجلس الشؤون السياسة والأمنية – بحسب الاختصاص- لأخذ التوجه المبدئي حياله.
رابعاً: تقديم مذكرة توضيحية تتضمن الآتي
في حال تقرّر أن التشريع هو الأداة الأنسب لمعالجة المشكلة، ينبغي إجراء دراسة شاملة للوضع النظامي الراهن المتعلّق بالتشريع، بما يشمل الأنظمة والأوامر الملكية والسامية، وقرارات مجلس الوزراء واللوائح ذات الصلة، بالإضافة إلى الممارسات القضائية والاتفاقيات الدولية المرتبطة بالمسألة محل الدراسة،ثم بعد ذلك يتم إعداد مذكرة توضيحية لمشروع التشريع المقترح، تتضمن السند النظامي لاختصاص الجهة بطلب إصدار التشريع، هدف المشروع، عناصره الأساسية، الأسباب التي دعت
إلى إعداده، وشرحاً واضحاً لمواده، إلى جانب ما يلي
• بيان الآثار المالية، الاقتصادية، والوظيفية المتوقعة من تطبيق التشريع بشكل محدد، بما في ذلك تأثيره على منشآت القطاعين العام والخاص، بالإضافة إلى الآثار الاجتماعية والمالية والصحية.
• تقديم جدول يوضح الأنظمة والأحكام النظامية الواردة في الأنظمة واللوائح والأوامر والقرارات التي سيلزم إلغاؤها أو تعديلها عند صدور التشريع المقترح، مع توضيح الأحكام المقترحة البديلة وأسباب التعديل.
• مراجعة الاتفاقيات الدولية (وما في حكمها) التي تكون المملكة طرفاً فيها، والتي ترتبط بشكل مباشر بالتشريع المقترح.
وفي الختام يُعد اقتراح الأنظمة وفق ضوابط محددة خطوة ضرورية لرفع جودة التشريعات ودعم جهود المملكة في تحقيق رؤيتها الطموحة 2030، وضمان مواءمة الأنظمة مع متطلبات التنمية الشاملة والمستدامة. ومن هنا تتأكد الحاجة إلى تطوير آليات صياغة التشريعات بوصفها الأداة الأساسية لترسيخ العدالة وتعزيز التنمية.